العمارة: فن توزيع الفراغات
ما هي العمارة
في العمارة، الفراغ أو الفراغ المعماري هو شيء غير ملموس. وهو الحيز المحدد من العناصر المحيطة به (كأن نقول يحدد فراغ الغرفة بالجدران والأرضية والسقف). فالعمارة هي الفراغات بين الجدران وليست الجدران نفسها.
يمكن تعريف الفراغ المعماري بشكل مبسط، بأنه جزء من الفراغ العام، تم اقتطاعه بمواصفات ومحددات خاصة، تجعله يصلح لأن يمارس فيه الإنسان أنشطة حياتية خاصة. وتتوقف هذه الأنشطة وطريقة أدائها، على طبيعة الجزء المقتطع وحجمه وهيئته التصميمية وعلاقته بالفراغ العام المحيط به.
فالعمارة، هي فن تكوين الحجوم والفراغات المخصصة لاحتضان الوظائف والنشاطات الإنسانية والاجتماعية بتنوعها. وهي انطلاقًا من ذلك تعكس فيسماتها وأشكالها الإنجازات التقنية والحضارية والتطلعات الجمالية والروحية والقدرات المادية للمجتمع، في بيئة ما وفي فترة تاريخية محددة.
مراحل تطور العمارة
ذكر “سيجفريد جيديون” Sigfrid Giedion في كتابه “الفراغ والزمن والعمارة” Space Time and Architecture: أن تطور الفراغ المعماري قد مر بثلاث مراحل.
المرحلة الأولى:
هي المرحلة الذي تكون فيها الفراغ من خلال التفاعل بين الكتل المختلفة.
والمرحلة الثانية:
هي مرحلة العمارة المصرية القديمة والسومرية والإغريقية. وبدأت في منتصف الحضارة الرومانية عندما بدأت مشكلة الفراغ الداخلي والتغطية بالقبوات تأخذ أهمية كبيرة، وقد استمرت هذه المرحلة حتى نهاية القرن الثامن عشر.
أما المرحلة الثالثة:
هي البادئة مع أوائل القرن العشرين. وهي إضافة بعد الزمن إلى الفراغ، حيث يتم إدراكالفراغ من خلال الحركة فيه وبالتالي رؤيته من أكثر من نقطة وزاوية. في هذا الوقت ألغيت فكرة إدراك الفراغ من خلال المنظور ذو النقطة الواحدة.
قالوا عن العمارة
يقول هوريشو هجرينوه:
إن التصميم هو الترتيب العلمي للفراغات والأشكال، حتى تلائم الوظائف والموقع ولتأكيد مظاهرها وتدرجها حسب أهميتهافي الوظيفة، مع اختيار ألوان وزخارف متناسقة مع قوانين عضوية دقيقة. لكل قرار منها سبب واضح والتخلص التام من كل ما هو متصنع و متكلف.
يقول المعماري لويسكان:
“العمارة هي الاستعمال الجيد للفضاءات. إنها ملء المساحات الموضوعة من قبل المستخدم، وإنها خلق الفضاءات التيتثير شعورًا بالاستخدام الملائم ” .
“جاستون فييت” يقول:
“إذا كان معيار الأصالة في أي طراز من طرز المعمار هو أسلوب الفراغ، فإن تصميم الجامع هو النموذج الذي يعبربوضوح عن جوهر عقيدة الإسلام، بصفته دينًا أصيلاً له شخصيته المتميزة”.
الفراغ هو أساس العمارة
يقول “فليبس جونسون Philip JOhanson”:
العمارة هي فن تعريف وتوزيع الفراغات
“وقال فرانك لويد رايت” Frank Lloyd Wright:
“إن الحيز الداخلي هو حقيقة المبنى”. وأبسط مثال لتوزيع الفراغات هي الخيمة. الخيمة، فراغصيغ بيد ليست معمارية لكنها ماهرة، فهي تحتوي علي فتحات إضاءة وتهوية مناسبة لحياة التنقل. كما تمكن المستخدم من الإغلاق التام المحكم للخيمة. كما تحتوي على هيكل إنشائي مكون من عمود مشدود بأكثر من وتد أرضي (نفس فكرة الكباري المعلقة) ثم يتم الربط بينهم مع وضع قماش مثبت.
رفعت الجادرجي، يقول:
“المرأة البدوية آخر المعماريين الأصليين في العالم، وإن العمارة سقطت عندما ظهر المهندسون المعماريون إلى الوجود.”! “فالمرأة البدوية، هي التي تصمّم الخيمة في ذهنها وتغزل الصوف لها وتحيكها وتنصبها وتفككها وتحملها على الدابة… وللمرأة في مجتمعات البداوةموقع مهم، حيث تنساب المعرفة بشكل متكامل بين مختلف مراحل الإنتاج، والكل متساوون غير متفاضلين، والمعماري هو الفرد الماهر بين الجماعة مندون تمييز”.
فن التوزيع
توزيع الفراغات فن. فأنت لديك قطعة أرض وتريد تخطيطها كمبنى سكني أو تجاري.
أنت الفنان في توزيع وتخطيط هذه الأرض، وفقًا للعوامل الخارجية (الرياح والشمس والواجهات) والعوامل الداخلية (علاقة الفراغات ببعضها البعض)، بما يناسب الاحتياجات المعيشية للمستخدمين وبما يجعل مساحة كل غرفة مناسبة لوظيفتها.
فمثلا، غرفة الاستقبال لابد أن تكون قرب الباب. والمطبخ لا يكون في اتجاه الريح حتى لا تنتشر الرائحة في أنحاء الشقة. والحمام لا يفضل وضعه فياتجاه الرياح السائدة ولا في الواجهة. والسلم لا يأخذ من الواجهة بل يدخل قليلًا وذلك من خلال تخصيص فراغ “استقبال”.
من مهام توزيع الفراغات رعاية خصوصية أهل الدار، مثل (المداخل المنكسرة) عند مداخل البيوت التقليدية. إن أغلبية البيوت القديمة منكسرة بزاوية 90 درجة، لمنع رؤية أهل البيت من الزقاق أو الحارة عن طريق الباب المفتوح. وقد استعملت المداخل المنكسرة قديماً في منازل الفسطاط وبغداد. إن الوظيفة الرئيسية لانحراف الزاوية القويّ هذا هو دفع الشخص الداخل إلى البيت بشكل متواصل إلى الاستدارة بزاوية 90 درجة منذ اللحظة التي تطأفيها قدمه عتبة الباب، لكي لا يرى السيّدات في داخله. تجد هذا في بيوت شهيرة مثل بيت الشيخ سعيد آل مكتوم (1896) وبيت التراث (شُيّد عام 1890) وبيت الوكيل (1934).
من المهم التأكيد على المبنى، فكلما كانت الفراغات أكبر وأوسع فكان هو الأفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق